من الاردن جاءت لوريس مع أهلها الى بلد الأرز بحثاً عن
لقمة العيش والاستقرار، وعندما بلغت 17 عام ً ا تزوجت من
لبناني، ومنذ 27 سنة وهي ُ تعاني من ”التعنيف“.
تبلغ لوريس اليوم 44 عاما
من العمر لكن تراكم الهموم في
حياتها جعلها تبدو وكأنها في
ال 60 ، فحياتها لم تكن هانئة
ولا تتذكر من سنواتها تلك يوم ً ا
جمي ً لا. حتى عندما كانت تضحك
كانت تشعر ان في داخلها شعورا
دفينا ب“غد اسوء“. ويصدق
إحساسها، فتخفي عذابها الطويل
ببسمة صغيرة ترسمها على
وجهها الحزين.
اليتامى
تروي لوريس قصتها بغصة
كبيرة، هي أم لثلاثة أولاد وستصبح
جدة عما قريب، ومع الأسف لا يزال
زوجها ويدعى عفيف يوسعها
ضرب ً ا عندما يكون أولادها خارج
المنزل. بدأت مأساتها منذ الصغر،
توفي ابوها وهي في الخامسة من
العمر، لا تكاد تذكر ملامحه، عاشت
ووالدتها وأخواتها الأربع وأخوها
الوحيد في احد أحياء بيروت
الأكثر شعبية. احاطها اعمامها
حنا نا و عا طفا، و لكن ا لعا ئلة لم
ُ تسلم يو م ً ا من تمنينهم على
رعايتهم وهذا ما جعل لوريس
تبتعد شيئ ً ا فشيئ ً ا عن عائلتها،
منتفضة على ” مفهو م الكنف
العائلي“ وراحة البال والاستقرار
حتى فقدت تدريجيا معنى الجو
العائلي واهميته.
تروي لوريس قصتها بغصة
كبيرة، هي أم لثلاثة أولاد وستصبح
جدة عما قريب، ومع الأسف لا يزال
زوجها ويدعى عفيف يوسعها
ضرب ً ا عندما يكون أولادها خارج
المنزل. بدأت مأساتها منذ الصغر،
توفي ابوها وهي في الخامسة من
العمر، لا تكاد تذكر ملامحه، عاشت
ووالدتها وأخواتها الأربع وأخوها
الوحيد في احد أحياء بيروت
الأكثر شعبية. احاطها اعمامها
حنا نا و عا طفا، و لكن ا لعا ئلة لم
ُ تسلم يو م ً ا من تمنينهم على
رعايتهم وهذا ما جعل لوريس
تبتعد شيئ ً ا فشيئ ً ا عن عائلتها،
منتفضة على ” مفهو م الكنف
العائلي“ وراحة البال والاستقرار
حتى فقدت تدريجيا معنى الجو
العائلي واهميته.
إم الضفاير
كانت لوريس تذهب الى مدرسة
رسمية بالقرب من منزلها، حيث
برعت في الرياضيات والفيزياء،
فكانت من الأوائل. لكن ”الذكية“
وقعت في غرام عفيف، شاب من
شباب الحي. عند الساعة الواحدة
والنصف تجد عفيف مهندما مرتبا
وواقف ً ا امام المدخل الرئيسي
منتظر ًا ”إم الضفاير“، وهذه
التسمية كانت خاصة بلوريس
تيمن ً ا بتسريحة شعرها. يكبرها
ب 3 سنوات ترك المدرسة لأنه لا
يحب الدرس وبدأ يعمل في معمل
(غذائي). أغواها بنظراته واهتمامه
فوقعت في غرامه، وباتت تحب
المدرسة أكثر فأكثر لأنها عند
نهاية الدوام ستتمشى وعفيف
الى المنزل.
كانت لوريس تذهب الى مدرسة
رسمية بالقرب من منزلها، حيث
برعت في الرياضيات والفيزياء،
فكانت من الأوائل. لكن ”الذكية“
وقعت في غرام عفيف، شاب من
شباب الحي. عند الساعة الواحدة
والنصف تجد عفيف مهندما مرتبا
وواقف ً ا امام المدخل الرئيسي
منتظر ًا ”إم الضفاير“، وهذه
التسمية كانت خاصة بلوريس
تيمن ً ا بتسريحة شعرها. يكبرها
ب 3 سنوات ترك المدرسة لأنه لا
يحب الدرس وبدأ يعمل في معمل
(غذائي). أغواها بنظراته واهتمامه
فوقعت في غرامه، وباتت تحب
المدرسة أكثر فأكثر لأنها عند
نهاية الدوام ستتمشى وعفيف
الى المنزل.
”أخي كشفني“
كانت لوريس لا تهاب أهلها
و تتفا خر بر فقة عفيف ، تمسك
بيده في الشارع، وفي وقتها
كانت مسكة اليد من المحرمات.
ذات يوم التقت بأخيها، ولم يكن
اللقاء محببا، لأن الأخ انصدم برفيق
شقيقته و لم يكن يتو قع بأ نها
كبرت لهذه الدرجة. ”شدني من
يدي وجرني الى البيت، دون أن
حاد
ٌ
يلفظ أية كلمة“، ودار نقاش
في المنزل وانتهى الجدال بالطرح
الآتي ”يطلع يشوفيك بالبيت“.
طرحت لوريس الفكرة على عفيف
فوافق على الفور، وبات يتودد الى
المنزل من ثم أصبح الجميع بما
فيهم الأخ والعم يحبانه. تركت
الدراسة ودخلت القفص الذهبي
لأنها كانت تريد فقط الخروج من
منزلها الذي تعتبره سجنا معزولا
واوامر مفروضة. ويا ليتها لم
تدخل، ففي الليلة الأولى كانت
الصفعة الأولى.
يهوى العنف
ومن هنا بدأت المعاناة، صفعة،
فركلة، الى محاولة خنق... يومياتها
دموع، وأوجاع وصو ًلا الى الاختباء
من المجتمع الذي حلمت به ولم
يتسن لها الوقت الكافي للعيش
بحلاوة ايام العزوبية. باتت تعشق
العتمة وتهوى البقاء في غرفتها
المظلمة. ضربها في الليلة التي
من المفترض أن تكون ليلة
العمر والسبب أنها جميلة، فبدأ
بتشويهها، وفي اليوم التالي
أتت والدتها لزيارتها، ففتحت
نظرات شمسية
ً
لها لوريس واضعة
وعندما سألت والدتها عن السبب،
ردت وقالت ”انزلقت في الحمام،
فتورمت عيني“. وبعد أيام من
العتاب بعث لها بباقة زهور، وطلب
السماح. ومع مرور الوقت اكتشفت
لوريس العادات السيئة لعفيف،
فهو يهوى العنف في كل الأمور
فتعذبت كثير ًا، ”كان يشرب
حتى الثمالة، ويبرحني ضرب ً ا ولم
يكن قد مضى على زواجنا أكثر
من شهرين“. حملت، فقالت في
نفسها ان الولد سيجعله يخاف
عليها و يحتر مها و لكن عبث ً ا لم
يحمها أحد من ”أتلة كل يوم“.
أنا الضحية
لم يعد هاجسها حماية نفسها،
بل أصبح همها الوحيد حماية
أطفالها من جنون زوجها حين
يثور: ”لأتفه الأمور كان يضربني،
بعد زحمة سير يأتي الى المنزل
غاضبا، فيضربني“، بهذه البساطة
تعبر لوريس عن مأساتها ”الأكل
مش طيب، الثياب غير مرتبة،
الولد يبكي، أنا الضحية“، الضحية
الوحيدة التي تفدي بدمها أولادها.
ومع كل ”فورة“ كانت تهلع لوريس
الى الأولاد وتخبئهم في الحمام
وتقفل الباب بالمفتاح وترفض
اعطاءه لعفيف، كما وكانت تركض
لتقفل النوافذ وأبواب المنزل كافة
لكي لا يسمع الجيران صراخ الأطفال
ونحيبهم. لكن عبثا حاولت، لأن
جيرانها كانوا يستمعون دائم ً ا
الى عراكهم وفي يوم رأف قلب
أحد جيرانها وصعد الى شرفة
منزله ورمى بحجر على شرفتها،
ومن هنا أدركت لوريس الحقيقة
المطلقة أن الكل يدرك ”إنو عفيف
بيضربا“، وكل محاولات التخفي
باءت بالفشل.
كانت المرة الأولى التي تواجه
فيها المجتمع من دون نظارات
ولا ملابس شتوية في ع ّ ز الصيف
لتداري جريمة زوجها البشعة،
فبنظرها أن عمرها ضاع وما من
أحد سأل عنها، وفي كل م ّ رة كانت
تذهب لتشكو حالها الى شقيقها
الوحيد، كان يع ّ يرها بالقول ”مش
هيدا لي تمشيتي معو“، لم تجد
يوم ً ا من يقف في صفها فلم عليها
أن تخاف؟ هل من نظرات المجتمع
التي لا ترحم؟ كانت متأكدة من
انهم سيروون عنها القصص حتى
ولو لم يروا بأم العين اللكمات تملأ
جسدها. تعيش لوريس اليوم
حالة استقرار نوع ً ا ما فبعد أن كبر
أولادها باتوا يدافعون عنها في
مواجهة والدهم ولا يسمحون
له بمسها ولو حتى بكلمة، ولكنه
يحاول استغلال وقت غيابهم ليقوم
بما اعتاد عليه واذا لم ينجح بالضرب
فالكلام النابي ينهال عليها ولو من
دون سبب.
تسأل لوريس نفسها أين ذهب
ذاك الحنون الذي كان يمسك يداها
الناعمتين، أين كلامه الرقيق، أين
الأحلام، أين وأين... كلها تساؤلات
تقهر قلبها البريء وما من أجوبة
تشفي غليلها، فا لمجتمع قا ٍ س
وهي باتت وحيدة منفردة إلا من
”ركلاته“.
اخوها كان يع ّ يرها
بالقول ”مش هيدا لي
تمشيتي معو“
تخفي عذابها الطويل
ببسمة صغيرة ترسمها
على وجهها الحزين
¶ وحيدة منفردة إلا من ”ركلاته“
بعض الأرقام التي تظهر مدى تعرض المرأة للعنف:
ألف و 67 امرأة تتراوح أعمارهن بين 18 و 55 سنة تعرضن لأنواع
من العنف الجسدي والعاطفي والجنسي والاقتصادي والإهمال
الاجتماعي والاتجار بالبشر
52 % من النساء الفلسطينيات تعرضن للضرب. كما وأن 60
% من سكان الضفة الغربية وغزة دون 19 عام ً ا يتعرضون للتهديد
الجسدي واللفظي والمطاردة والتوقيف والاعتقال.
30 % من النساء الأميركيات يتعرضن للعنف الجسدي من
قبل أزواجهن.
95 % من ضحايا العنف في فرنسا هم من النساء.
أما في لبنان فهناك أكثر من 35 % من النساء يتعرضن للضرب
أو لأعمال عنف كالحرق بالسجائر، الضرب بالعصا، العض، التقييد،
الإحتجاز. الى جانب الإستغلال الجنسي والعنف النفسي وسوء
المعاملة
دوريس سعد
تحقيقات-- البلد
19-02-09
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق